كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



ثَمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ وَالْمُتَنَجِّسِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ لِمُدْرِكٍ يَخُصُّ هَذِهِ نَعَمْ إنْ خَالَطَ النَّجِسُ مَاءً وَاحْتَجْنَا لِلْفَرْضِ بِأَنْ وَقَعَ هَذَا الْمُخْتَلِطُ فِيمَا يُوَافِقُهُ فَرْضُنَا الْمُغَيِّرَ النَّجِسَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُمْكِنٌ يُوَافِقُهُ فَرْضُنَا الْمُغَيِّرَ النَّجَسَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُمْكِنٌ طُهْرُهُ أَوْ مَائِعًا فَرْضُنَا الْكُلَّ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْجَمِيعِ صَارَتْ نَجِسَةً لَا يُمْكِنُ طُهْرُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ مِنْ انْحِصَارِ الْمُؤَثِّرِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُؤَثِّرِ لَا يَنْحَصِرُ فِي أَحَدِهِمَا لِتَحَقُّقِهِ أَيْضًا فِي نَحْوِ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) أَيْ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ فَقَطْ وَلَا مَعَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُتَنَجِّسِ كَالنَّجِسِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِنَحْوِ الطَّاهِرِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَا جَافَّيْنِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَائِعًا فَرَضْنَا الْكُلَّ) اُنْظُرْ هَذِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ) أَيْ حِسًّا أَوْ تَقْدِيرًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَحَمْلُ طَعْمٍ إلَخْ) أَيْ جَعْلُهُ خَبَرًا لِلتَّغَيُّرِ وَقَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ الَّذِي اتَّصَفَ بِهِ الطَّعَامُ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ التَّغَيُّرُ وَلِذَا قَالَ أَيْ تَغَيُّرُ طَعْمٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَا يُقَالُ إلَخْ) هَذَا اعْتِرَاضٌ آخَرُ حَاصِلُهُ أَنَّ تَقْيِيدَ التَّغَيُّرِ بِالْمُؤَثِّرِ أَيْضًا يَنْقَسِمُ إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ هُوَ) التَّغَيُّرُ الْمُنْقَسِمُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُؤَثِّرِ أَيْ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُؤَثِّرِ.
(قَوْلُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَمْلَ كُلٍّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُلَاحَظَ الرَّبْطُ بَعْدَ الْعَطْفِ.
(قَوْلُهُ مِنْ انْحِصَارٍ إلَخْ) فَالتَّقْدِيرُ وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ مُنْحَصِرٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كُرْدِيٌّ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُؤَثِّرِ لَا يَنْحَصِرُ فِي أَحَدِهَا لِتَحَقُّقِهِ أَيْضًا فِي نَحْوِ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ سم.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَبِالْمُؤَثِّرِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَمَا لَوْ وُجِدَ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ بِجِيفَةٍ بِالشَّطِّ) أَيْ قُرْبَ الْمَاءِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَمَا لَوْ وُجِدَ إلَخْ) أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الَّذِي لَوْ وُجِدَ فِيهِ وَصْفٌ مِنْ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بِلَا عَيْنٍ، وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ أَيْ كَطَعْمِ خَمْرٍ وَرِيحِ عُذْرَةٍ وَلَوْنِ دَمٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَاءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَالْمَعْنَى، وَتَغَيَّرَ مَا لَوْ وُجِدَ فِيهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ التَّغَيُّرِ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ فِيمَا لَوْ وُجِدَ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّرْجِيحِ فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ تَرْجِيحُ عَدَمِ النَّجَاسَةِ فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ مَا لَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ الْمَاءِ الْكَثِيرِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الْوُقُوعِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ.
(قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ وَقَعَ فِيهِ نَجِسٌ إلَخْ (لَأَثِمَ) أَيْ فِيمَا لَوْ وُجِدَ فِيهِ وَصْفٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ بِمَا ذَكَرْته) أَيْ بِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ بَلْ ذَاكَ أَوْلَى) أَيْ بِالْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ وَقَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْأَوْلَوِيَّةِ فِيمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ لَمَّا زَالَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ ذَاتًا وَأَثَرًا وَهُوَ التَّغَيُّرُ.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ عَوْدُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ أَيْ سَبَبِهَا وَهُوَ التَّغَيُّرُ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ.
(قَوْلُهُ أَنْ لَا نَجَاسَةَ ثَمَّ) أَيْ فِي قُرْبِ مَا وُجِدَ فِيهِ وَصْفٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لِيَعْرِفَ طَعْمَ الْمَاءِ وَرِيحَهُ) أَيْ وَيَعْرِفَ بِهِمَا النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُعْرَفُ بِهِمَا أَحْيَانًا.
(قَوْلُهُ وَعَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ) أَيْ وَفِي الْبَلَلِ عَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) أَيْ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ فَقَطْ وَلَا مَعَهُ سم أَيْ بِأَنْ يُنَاسِبَ التَّغَيُّرُ بِوَصْفِ ذَلِكَ الْأَحَدِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ احْتِمَالِ كَوْنِ التَّغَيُّرِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِعَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ لَوْ فُرِضَ وَحْدَهُ لِغَيْرٍ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَا مَعًا كُرْدِيٌّ أَيْ وَتَوَافَقَا فِي الصِّفَةِ.
(قَوْلُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الظَّبْيَةِ) أَيْ الْآتِيَةِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي.
(قَوْلُهُ حُكْمُهُ) أَيْ فَلِذَلِكَ الْمَاءِ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَحَدِ مِنْ الطَّهَارَةِ أَوْ النَّجَاسَةِ.
(قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ فِيمَا لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ خَلَطَهُمَا قَبْلَ الْوُقُوعِ) أَيْ خَلَطَ الطَّاهِرَ بِالنَّجِسِ قَبْلَ وُقُوعِهِمَا فِي الْمَاءِ تَنَجَّسَ أَيْ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُتَغَيِّرُ بِوُقُوعِهِمَا بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالتَّنَجُّسِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَاطُ يُنَجِّسُ الطَّاهِرَ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَا جَافَّيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ كَالنَّجِسِ) أَيْ كَالتَّغَيُّرِ بِالنَّجِسِ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ فِيمَا يُوَافِقُهُ) أَيْ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ الَّذِي يُوَافِقُهُ بِخِلَافِ الْمَائِعِ مُطْلَقًا وَالْمَاءِ الْقَلِيلِ فَإِنَّ كُلًّا يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْمُخْتَلِطِ بِالنَّجِسِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَائِعًا فَرَضْنَا الْكُلَّ) اُنْظُرْ هَذِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ سم أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي الِاخْتِلَاطِ بِالْمَائِعِ أَيْضًا النَّجِسُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَائِعَ لَيْسَ نَجِسًا حَتَّى يُقَدَّرَ مُخَالِفًا.
(وَلَوْ اشْتَبَهَ) عَلَى مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَبِهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (مَاءٌ) أَوْ تُرَابٌ وَذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِلَّا فَسَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ الثِّيَابَ وَالْأَطْعِمَةَ وَغَيْرَهَا سَوَاءٌ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِهِ أَمْ بِمَالِ غَيْرِهِ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْمِلْكِ بِاجْتِهَادِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ (طَاهِرٌ) أَيْ طَهُورٌ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ وَتَظْهَرُ إلَى آخِرِهِ (بِنَجِسٍ) أَيْ مُتَنَجِّسٍ أَوْ بِمُسْتَعْمَلٍ (اجْتَهَدَ) وَإِنْ قَلَّ عَدَدُ الطَّاهِرِ كَوَاحِدٍ فِي مِائَةٍ بِأَنْ يَبْحَثَ عَنْ أَمَارَةٍ يَظُنُّ بِهَا مَا يَقْتَضِي الْإِقْدَامَ أَوْ الْإِحْجَامَ وُجُوبًا مُضَيَّقًا بِضِيقِ الْوَقْتِ وَمُوَسَّعًا بِسَعَتِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْمُشْتَبِهَيْنِ، وَلَمْ يَبْلُغَا بِالْخَلْطِ قُلَّتَيْنِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاجْتِهَادِ تَيَمَّمَ بَعْدَ تَلَفِهِمَا، وَجَوَازًا إنْ وُجِدَ طَاهِرًا أَوْ طَهُورًا بِيَقِينٍ وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وُجُوبَهُ هُنَا أَيْضًا مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ خِصَالِ الْمُخَيَّرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ خِصَالُ الْمُخَيَّرِ انْحَصَرَتْ بِالنَّصِّ، وَهِيَ مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا وَالِاجْتِهَادُ وَسِيلَةٌ لِلْعِلْمِ بِالطَّاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْمُشْتَبِهَيْنِ تَعَيَّنَتْ كَسَائِرِ طُرُقِ التَّحْصِيلِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا لَمْ تَنْحَصِرْ الْوَسِيلَةُ فِي هَذَا بَلْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ الْوَسِيلَةِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يَجِبْ أَصْلًا فَتَأَمَّلْهُ (وَتَطْهُرُ بِمَا ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ مَعَ ظُهُورِ الْأَمَارَةِ (طَهَارَتَهُ) مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ الْهُجُومُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ وَلَا اعْتِمَادِ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إمَارَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ طُهْرُهُ، وَإِنْ بَانَ أَنَّ مَا اسْتَعْمَلَهُ هُوَ الطَّهُورُ كَمَا لَوْ اجْتَهَدَ وَتَطَهَّرَ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ، ثُمَّ بَانَ خِلَافَهُ لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِبَادَاتِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَظَنُّ الْمُكَلَّفِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَصْلِ طَهَارَةِ الْمَاءِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا إنْ اجْتَهَدَ فِيهِ بِشَرْطِهِ وَظَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ لِلْمُجْتَهِدِ تَطْهِيرَ نَحْوِ حَلِيلَتِهِ الْمَجْنُونَةِ بِهِ أَوْ غَيْرِ مُمَيَّزَةٍ لِلطَّوَافِ بِهِ أَيْضًا (وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ) أَيْ طَهُورٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُشْتَبِهَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَهُ (بِيَقِينٍ فَلَا) يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْإِنَاءَيْنِ كَالْقِبْلَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَطَلَبُهَا مِنْ غَيْرِهَا عَبَثٌ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَدَرَ عَلَى طَهُورٍ بِيَقِينٍ كَمَاءٍ نَازِلٍ مِنْ السَّمَاءِ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ وَالتَّطَهُّرُ بِالْمَظْنُونِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ يَسْمَعُ مِنْ بَعْضٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُقْتَضَى لِشُذُوذِ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَبْعُدُ نَدْبُ رِعَايَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ (وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ) فِيمَا مَرَّ فِيهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ التَّقْلِيدَ أَيْ وَلَوْ لِأَعْمَى أَقْوَى مِنْهُ إدْرَاكًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا تَحَيَّرَ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى إدْرَاكِ النَّجَسِ بِنَحْوِ لَمْسٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ وَحُرْمَةُ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ مُخْتَصَّةٌ بِغَيْرِ الْمُشْتَبِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ فِي الْمَوَاقِيتِ التَّقْلِيدُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ إدْرَاكَهُ لَهُ أَعْسَرُ مِنْهُ هُنَا فَإِنْ فَقَدَ تِلْكَ الْحَوَاسَّ لَمْ يَجْتَهِدْ جَزْمًا، وَيَتَيَمَّمُ فِيمَا إذَا تَحَيَّرَ وَفَقَدَ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَلَوْ لِاخْتِلَافِ بَصِيرَيْنِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُ فَقْدِ الْمُقَلَّدِ بِأَنْ يَجِدَ مَشَقَّةً فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ كَمَشَقَّةِ الذَّهَابِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ لَهَا لَوْ أُقِيمَتْ فِيهِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِسُؤَالِهِ هُنَا وَإِلَّا فَلَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَوْ حَصَلَ لَهُ رَشَاشٌ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْ ثَوْبَهُ لِلشَّكِّ كَمَا لَوْ أَصَابَهُ نَقْطُ ثَوْبٍ تَنَجَّسَ بَعْضُهُ، وَاشْتَبَهَ وَفَارَقَ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِلَمْسِ بَعْضِهِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا ظَنُّ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، وَلَوْ اجْتَهَدَ وَظَنَّ نَجَاسَةَ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَثْبُتُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي حَدَثٍ لَمْ يُمْكِنْ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ أَوْ فِي خَبَثٍ فَهُوَ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ إلَخْ. اهـ.
وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا قَدْ يَمْنَعُ إطْلَاقَ انْتِفَائِهِ إذْ قَدْ يَظُنُّ الطَّهَارَةَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيمَا حَصَلَ لَهُ الرَّشَاشُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ لَمْ يُنَجِّسْهُ، وَذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُ فَائِدَةَ عَدَمِ الْحُكْمِ بِتَنْجِيسِهِ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ هُنَا، وَالْمُتَنَجِّسُ بَعْضُهُ الْمُشْتَبِهُ حَيْثُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِلَمْسِ بَعْضِهِ إنْ سَلَّمَ بِتَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِ بِخِلَافِ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ الْمَطْلُوبُ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ وَالْمُتَنَجِّسُ بَعْضُهُ الْمُشْتَبِهُ بَلْ بَيْنَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ مُصَاحَبَةِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا مَعَ مُصَاحَبَةِ مَا لَاقَى الْمُشْتَبِهَ الْمَذْكُورَ.
وَقَدْ يُتَّجَهُ مَنْعُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ لَمْسِ بَعْضِ الْمُشْتَبِهِ، وَإِنْ بَطَلَتْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مَعَ إصَابَةِ الرَّشَاشِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُشْتَبِهَ مُحَقَّقُ النَّجَاسَةِ فَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا مَسَّهُ وَبِخِلَافِ الرَّشَاشِ فَإِنَّ كُلًّا غَيْرَ مُحَقَّقِ النَّجَاسَةِ فَلَمْ تَبْطُلْ مَعَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُمْ فَإِنْ تَرَكَهُ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ لَمْ يُعْمَلْ بِالثَّانِي عَلَى النَّصِّ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ مَعَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ النَّجِسُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مَا إذَا تَنَجَّسَ بَعْضُ الثَّوْبِ فَاشْتَبَهَ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ مَعَ إصَابَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَا ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ وَعَلَى مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ اجْتِهَادٍ أَدَّاهُ إلَى طَهَارَتِهِ، وَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ) أَيْ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ.